تعتبر البحوث الكيفية من أهم أنواع البحوث في مجال العلوم الإنسانية، التي تقوم على جمع المادة العلمية غير الكمية باعتماد الباحث على دراسة البيانات والأحداث، وقراءتها بأسلوب غير كمي، وتهدف إلى جمع بيانات متعمقة ومفصلة لفهم مختلف الظواهر الإنسانية مما يوفر للباحث الفرصة للاقتراب من هذه الظواهر التي تحيط به وبحثها في سياقها وفي البيئة الطبيعية التي يتواجد بها الأفراد والجماعات. وتستخدم البحوث الكيفية في العديد من المجالات حسب الأهداف التي يسعى الباحث للوصول إليها، معتمدة في ذلك على العديد من المناهج والأدوات.
مفهوم البحوث الكيفية:
ينجز البحث الكيفي في
وسط طبيعي يقوم الباحث فيه بجمع البيانات في شكل كلمات أو صور، ويحللها بطريقة
استقرائية مع تركيزه على معاني المشاركين وتقديمه وصفا لغويا معبرا ومقنعاً.
- تعريف
"كريسويل"البحث
الكيفي هو عملية بحثية لفهم المشكلات تقوم على تقاليد منهجية بحثية كيفية مختلفة،
تتم من خلالها مقاربة مشكلة اجتماعية أو إنسانية. يقوم الباحث ببناء صورة شاملة
ومعقدة وبتحليل كلمات وبنقل مفصل لوجهات نظر المشاركين ويجري الدراسة في سياقها
الطبيعي". [1]
- تعريف "دنزين
ولينكلن" يستعمل البحث الكيفي مناهج متعددة، تتضمن مقاربة تأويلية وطبيعية
لموضوع البحث، أي أن الباحثين الكيفيين يدرسون الظواهر في سياقها الطبيعي، محاولين
فهم الظاهرة أو تأويلها تبعا للمعاني المعطاة لها من طرف المشاركين.[2]
فالبحث النوعي أو
الكيفي هو منهجية في البحث تركز على وصف الظواهر والفهم الأعمق لها، ولا تركز عادة
على التجريب وعلى الكشف عن السبب أو النتيجة بالاعتماد على المعطيات العددية
فالتساؤل الذي يطرح على مستواه هو سؤال مفتوح النهاية، ويهتم بالعملية والمعنى
أكثر من اهتمامه بالسبب والنتيجة.[3]
وتستخدم
البحوث الإنسانية مثل البحوث -إعلامية - كل من الأدوات الكمية والأدوات الكيفية في
جمع البيانات والمعلومات، حيث اعتمدت البدايات الأولى لهذه البحوث استخدام البحوث
الكمية، إلا أنه وبعد ظهور البحوث الكيفية أصبح الكثير من الباحثين يعتمدون عليها
كونها تعتبر من البحوث المعاصرة والتي ركزت في بداياتها على العلوم الطبية
والنفسية، ثم توسع العمل بها إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية والإعلامية، وكل ما
له علاقة بحركة ونشاطات المجتمع التي يسهم فيها الإنسان.
ويتوجه
الباحث في البحث الكيفي عادة نحو عينة غير عشوائية، أي عينة قصدية في جمع البيانات
لتحقيق أهداف البحث، من خلال أدوات فعالة غير محكمة البناء، مثل الملاحظة
بالمشاركة والمقابلات المعمقة والوثائق والسجلات الأولية المرتبطة بالموضوع ويكون
للباحث فيها دور اجتماعي فعال لأنه يقوم على التفاعل ولكنه يعتمد على الذاتية المنضبطة،
للابتعاد عن التحيز في جمع البيانات وتفسيرها.
وقد
يدخل الباحث في المجتمع ويشارك في جميع أنشطته بوصفه فردا من أفراده، أو ربما
يتعايش ميدانيا معهم ويراقب كافة سلوكاتهم في الجوانب التي تتضمنها الدراسة.
ومن هنا يمكن القول بأن هناك مستويات للمشاركة تتراوح بين الإنضمام للمجتمع تماما وبين اتخاذ موقف المتفرج منه فالبحوث الكيفية تختلف باختلاف العوامل الموقفية في الميدان؛ إذ تتطلب بعض البحوث إخفاء هوية الباحث، بينما تتطلب بحوث أخرى غير ذلك.
[1] دليو،
فضيل. (2021). تصميم البحوث الكيفية: المرونة والخصوصية، مجلة الجامع في الدراسات
النفسية والعلوم التربوية، مجلد6، عدد1، ص 18.
[2] دليو، فضيل. المرجع نفسه. ص
19.
[3] عامر قنديلجي، ايمان السمرائي (2009): البحث
العلمي -الكمي والنوعي- ، دار الباروزي. الأردن .ص 58.
تعليقات
إرسال تعليق
أترك بصمتك بتعليق على مدونة التربية و التعليم