أخر الاخبار

ماهية الاتصال العمومي وحملات الاتصال العمومي

ماهية الاتصال العمومي وحملات الاتصال العمومي

أولا: ماهية الاتصال العمومي:

  1) مفهوم الاتصال العمومي: الاتصال كما قال عنه "سمير حسن "هو: النشاط الذي يستهدف تحقيق العمومية أو الذيوع أو الانتشار أو الشيوع لفكرة أو موضوع أو منشأة أو قضية، ودلك عن طريق انتقال المعلومات أو الأفكار أو الآراء أو الاتجاهات من شخص أو جماعة إلى أشخاص أو جماعات باستخدام رموز ذات معنى واحد ومفهوم بنفس الدرجة لدى الطرفين. 

   ويرى كذلك " رايت"  « أن عملية الاتصال تتوجه إلى جمهور يتميز بأنه كبير نسبيا، وأنه غير متجانس وغير معروف معرفة شخصية، وهذا من خلال تحليله لمفهوم الاتصال الجماهيري كما أشار أن هذه العملية تسهم في نقل الرسائل بشكل علني، وغالبا ما يكون مخطط لها، بحيث تصل إلى أغلب أفراد الجمهور المنشود في نفس الوقت. يتفق الباحثون على أن عملية الاتصال بما تنطوي عليه من أوجه نشاط متنوعة تستهدف تحقيق العمومية والشمول والشيوع، وهو ما لم يتم إلا إذا تحقق حد أدنى من التداخل بين مجال خبرة المرسل والمستقبل، ويؤدي إلى إيجاد الفهم المشترك الموحد لمعنى الرسالة الاتصالية بين المرسل والمستقبل إلى إحداث الاتصال الحقيقي وإحداث التأثير، وقد ينصب هذا التأثير على الأفكار لتعديلها أو تغييرها، أو على الاتجاهات أو على المهارات، لذلك يمكن تعميق أشكال هذا التعديل أو التغيير إما على مستوى تعديل أو تغيير المعلومات أو الاتجاهات أو سلوك الجمهور المستهدف.

   وعندما يكون تأثير هذا الاتصال متجها نحو تغيير أو تعديل اتجاهات ومواقف وسلوكات نحو الأفضل لصالح المجتمع ككل فإن هذا النوع من الاتصال الهادف إلى المصلحة العامة للمجتمع أصطلح على تسميته بالاتصال العمومي الذي يُعرَّف على أنّه " ذلك الاتصال الذي يتجاوز مجرد تبادل المعلومات بين طرفي الاتصال بل إنه أوسع من ذلك عندما يحاول التأثير على الآخرين بالإقناع من أجل تعديل المعارف والمواقف والآراء والسلوكات نحو مصلحة المجتمع كهدف أساسي له، فهو بذلك يستجيب للمصلحة العامة خاصة في مجال مكافحة الآفات الاجتماعية وترويج القيم الاساسية، وبذلك يحفز ويدعو كل فرد من المجتمع لأخذ نصيبه من المسؤولية لمصلحة المجتمع". 

    وهكذا فإنّ الاتصال العمومي: هو الاتصال الحكومي (هيئة الرئاسة، رئاسة الحكومة، الوزارات، السلطات العمومية الخدمية ... إلخ)، الذي يتمثل في عملية إعلام ونشر المعلومة لفائدة المواطنين، وتتعلق هذه المعلومات بنتائج سياسات الحكومة المرتبطة بقراراتها السياسية، و يتمّ ذلك عبر وسائل الاتصال الكبرى ( كتقنية نشر كلاسيكية نمطية للاتصال العمومي(    و نستنتج أنّ المهمّة الأولى للاتصال العمومي هي تعريف المواطنين وإعلامهم بالسياسات العمومية الممارسة من طرف السلطة السياسية، حيث تنشر الرسالة أو المعلومة الحكومية في سياق يمتاز بالتعددية.

   أمّا المهمّة الثّانية فهي مرتبطة بالرّغبة في تغيير سلوك المواطنين، ويتعلق الأمر هنا بحملات التوعية والوقاية في اﻟﻤﺠال الصحي(الأمراض المتنقلة عبر المياه، السرطان..)، أو ما تعلق بالأمن ( الحوادث المنزلية، أمن الطرقات وحوادث المرور..)، أو تلك المرتبطة برهانات التنمية المستدامة (حملات التوعية البيئية، والحملات المتعلقة بقضايا التنمية الاجتماعية..).

     وحسب Pierre Zémor '' فإنّ الاتصال العمومي يهدف إلى المنفعة العامّة، فالصالح العام هو الخاصية التي تحدد طبيعة الاتصال العمومي''. ومنه فهو اتصال بعيد الأهداف، جمهوره المستهدف ليس المستهلك بل المواطن، إذ يستهدف أشخاصا يتمتعون بحقوق وعليهم واجبات - وهو ما يبدو صعبا في البلدان غير الديمقراطية - كما ويظهر الاتصال العمومي حيث تختفي الدعاية . 

   ومن هنا فإنّ Pierre Zémor، يرى أنّ الاتصال العمومي يجد شرعيته في المصلحة العامة، وهو نتيجة لحل توفيقي بين مصالح الأفراد والجماعات في المجتمع. ويتم التحكيم فيه من خلال العقد الاجتماعي الذي تندرج تحته القوانين والقواعد والعادات، وينتهي الى أنّ الاتصال العمومي هو  الاتصال الرسمي الذي  يرمي إلى تبادل وتقاسم المعلومات التي تفيد النفع العام ومن أجل صيانة العلاقات الاجتماعية، وتقع مسؤوليته على المؤسسات العامة.         

   أمّاMichel Le Net  فيرى أنّ الاتصال العمومي يهدف إلى جعل كل مواطن مسؤول عن اختياراته في مجال الصحة والأمن والوقاية والبيئة، كما يضمن مشاركته في الحياة العامة وفي ترقية قيم المجتمع.

   ومن جهة أخرى يرى Michel Le Net أن الاتصال العمومي يهدف إلى تغيير كل ما هو سلبي من معارف وأراء وسلوكات الأفراد في مجالات متعددة كمحاربة الرشوة، والبيروقراطية، وتقدير ورَدّ الاعتبار للعمل المتقن...الخ ويؤكد لونات أنّ هناك ارتباط وثيق بين الاتصال العمومي وإشراك المواطنين في صيرورة انجاز المشاريع التنموية بغية إضفاء الشفافية والتدعيم وخاصة أنّه يقوم بدورٍ أساسي في إعطاء قدر من الاعتبار والأهمية لرأي وموقف سكان المنطقة أو إقليم معين اتجاه مشروع أو قرار معين.  

2) مستويات الاتصال العمومي.

   يغطي الاتصال العمومي مساحة واسعة، ويضم الاتصال في المؤسسات العامة (البرلمان والحكومة والمؤسسات الوطنية والدولية، والهيئات...)، كما يضم الاتصال في المنظمات التي توفر الخدمة العامة أو العمومية (المؤسسات العامة، والهيئات المشتركة، والشركات شبه الحكومية والشركات الوطنية، والجمعيات...) ويضم أيضا الاتصال في الجماعات المحلية (البلديات والإدارات والمجتمعات...).

   وقد تطور الاتصال العمومي في كل جوانبه) من تعزيز الخدمات الحكومية، وشركات الاتصالات وحملة المصلحة العامة والاتصال الداخلي...( خلال 20 عاما الماضية، واكتسب على مر السنين شرعية حقيقية، واتضحت وظيفته حيث أصبح يساهم في إعطاء معنى للخيارات والإجراءات في المؤسسات ويساعد على إعطاء معنى للحياة العامة والسياسية، ووفقا للمادة 1 من ميثاق الاتصال العمومي الذي اعتمد في عام 2002، " فإنّه وأمام الانفتاح المتزايد لمجتمع المعلومات، أصبحت الاتصالات العامة الآن كضرورة لا مفر منها للمؤسسات والدول الديمقراطية. ومن وجهة النظر هذه، فإن الاتصال العمومي لم يعد مجرد أداة تقنية لتشكيل السياسة العامة، ولكن نهج شامل يضمن الممارسة الحقيقية للحكامة العمومية". 

   ومع التقدم المتزايد من قبل المتخصصين الأكفاء، تأكّد أنّ الاتصال العمومي يحث على  مهام الخدمة العامة من خلال تعزيز المواطنة وأهداف خدمة المواطن، وأصبح هذا التواصل مرآة رافقت - مما لا شك فيه - تطور العلاقة بين المواطنين والمؤسسات العمومية، وأصبح بذلك التفاعل بين هؤلاء وتلك، واحدة من العجلات الضرورية لسير الديمقراطية.

    ويمكن تحديد مستويات الاتصال العمومي كما يلي:  

  أ) اتصال الجماعات المحلية أو الاتصال العمومي المحلي: الاتصال في هذا المستوى لديه مكانة خاصة، كونه يتعلق بالأقاليم والمؤسسات، وكونه يتعلق بمهمة في غاية الأهمية وهي مهمة الخدمة العامة للمواطنين، والجهات الفاعلة من الحياة المحلية، ويحدد كثير من الباحثين الاتصال العمومي المحلي ببعدين أساسين: 

- البعد السياسي: ففي هذا المنظور يعرّف أستاذ العلوم السياسية الفرنسي ¬Olivier Nay هذا الشكل بأنّه اتصال سياسي محلي وأنه سلسلة من الطرق والتقنيات التي تهدف بواسطة استخدام أشكال رمزية مثل الصور والكلمات والمواقف إلى انعكاس وتمثيل طبيعة النظام السياسي الذي يسعى إلى فرضها في الفضاء العام على مستوى الإقليم.

   ورغم هذا الطابع السّياسي للاتصال المحلي إلا أنّه يحمل في ذات السياق حسب Jacques Chevallier  عدة أبعاد في الاستخدامات سواء تعلق الأمر بالاتصال الخاص بالمنتخبين، أو المؤسسات المحلية، وكذا السياسات العامة وأيضا تعدد في أهدافها العمومية الخاصة بالعمل العمومي، و¬الأهداف الترقوية والاجتماعية من خلال إرساء ونشر قيم تولي اعتبارا وأهمية للهوية المحلية.

 - البعد العمومي: ويعتبر الاتصال المحلي عموميا حسبDominique Bessieres  حين يتم التركيز على مدى استخدامه في الإطار المؤسساتي من أجل تحقيق عدة أهداف تتعلق بترقية و التعريف بالهياكل المؤسساتية المحلية، وتنشيط الممارسة الديمقراطية من خلال إشراك المواطنين في صيرورة اتخاذ القرارات والاختيارات التي تهم الشأن العام.  

ب) الاتصال العمومي الوطني (الاتصال العمومي الحكومي): وفي هذا المستوى تتمثل المهمة الأولى للاتصال العمومي الحكومي في إحاطة المواطنين بالسياسة العامة التي تتبعها السلطة السياسية، في سياق يؤكد أن رسالة الحكومة ينبغي أن تعبر عن نفسها في مستوى واحد من الآخرين. وهنا، فإنّ الحدود الفاصلة بين الاتصال الجماهيري والاتصال السياسي مطلوب في بعض الأحيان.

   أمّا المهمة الثانية فترتبط بالرغبة في تغيير السلوك الجماعي للمواطنين، ويتعلق الأمر بالحملات الصحية (مكافحة السرطان، والتوعية ضد التسمّمات الغذائية، والأمراض المتنقلة عبر المياه..) أو السّلامة والأمن ( حملات التوعية المرورية، وحملات التوعية حول الحوادث المنزلية...) وكذلك تلك التي تتصل بالقضايا الجماعية (التنمية المستدامة، المواطنة، مكافحة التمييز،...).  

   وختاما فان الاتصال العمومي الحكومي أو الوطني هو الذي تعتمده المؤسسات الرسمية الحكومية كالوزارات والشركات العمومية والشبه عمومية، ويسعى إلى الامداد بالمعلومات وتثمين الخدمات ومهام الدولة.  

جـ) الاتصال العمومي الدّولي: أما في هذا المستوى فإنّ الاتصال يكون منوطا بالهيئات والمنظمات العمومية الدّولية مثل المنظمات التابعة للأمم المتحدة (منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف   UNICEF))، منظمة الصحة العالمية (WHO)، منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلم والثقافة (UNESCO)، منظمة العمل الدولية (ILO)، وكالة الغوث الدولية – الأنروا (UNRWA)، ويهدف الاتصال العمومي في هذا المستوى إلى الوصول إلى شرائح واسعة في العالم من أجل إمدادهم بالمعلومات والأفكار والقوانين التي تتعلق بمصالحهم.

3) مفهوم حملة الاتصال العمومي: 

من خلال التعريفات السّابقة لكل من الحملة الإعلامية والاتصال العمومي نستطيع أن نعرّف "حملة الاتصال العمومي" بأنها: " برامج وجهود اتصالية وإعلامية موجهة ومنظمة وفق خطة مسبقة تتناول موضوعا ما ( يتعلق بالمجتمع والمصلحة العامة) وتتوجه إلى فئة أو عدة فئات من الجماهير بقصد تغيير السلوك أو الاتجاهات أو الأفكار وذلك بدراسة الوسائل الإعلامية المتاحة واختيار أنسبها واختيار الشكل الذي تتخذه الحملة، وجدولتها وفق فترات زمنية معينة". 


تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -