أخر الاخبار

المراهقون والعنف المدرسي ... كيف نحمي أبناءنا؟

المراهقون والعنف المدرسي ...



عاد أحمد إلى بيته غارقاً في جروحه، وقد حاولت والدته معرفة ما حدث، لكنه فضل السكوت، على أن يأخذ حقه بيده، وفي اليوم التالي عاد للمدرسة ومعه سكين صغير ليهدد به من يحاول التهجم عليه من زملائه، فقد سئم من زيارات والديه للمدرسة والشكوى من المشاجرات التي تحدث بين طلاب المرحلة المتوسطة دون تدخل فعلي من المعلمين أو من إدارة المدرسة، فأصبح زملائه ينعتونه بالطفل الصغير الذي يطلب نجدة والديه لحمايته، فلم يجد غير السكين ليثبت بها رجولته بينهم !!

العنف بين طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية من المشكلات التي باتت تهدد أمن المدارس، وتعيق سير التعليم السليم في العالم العربي، بل وتعدى الأمر للعنف بين الطلاب والمعلمين بما جعل الصورة تبدو كأنه لا سيطرة على العلاقة بين الطالب والمعلم، فأصبحت بعض المدارس كغابة لا يدري الآباء هل أبنائهم في أمان أم لا؟؟

إحصائيات وأرقام رسمية

وقد جاءت إحصائيات العنف في العالم العربي مرعبة ومخيفة، فقد تصدرت الجزائر دول المغرب العربي بخصوص هذه الظاهرة باعتبار 60% من مجمل 8 ملايين طالب قاموا بالاعتداء على ما يقارب 5 آلاف أستاذ، منها 200 حالة صدرت عن تلاميذ بالصف الابتدائي، مع تسجيل 20 ألف حالة عنف بين التلاميذ، وسجلت الدراسة 3500 حالة عنف حصلت بين تلاميذ الابتدائي، و13 ألف حالة في أوساط تلاميذ المتوسط، و3 آلاف في الثانوي، فيما اعتدى ما يقارب 5 آلاف تلميذ على أساتذتهم، والأخطر في القضية أن تلاميذ الابتدائي اعتدوا على 201 أستاذ، فيما اعتدى تلاميذ المتوسط على 2899 أستاذ، و1455 اعتداء حصلت من طرف الثانويين، وهذا الإحصاءات كانت سبباً في تنظيم حملة بعنوان "أوقفوا العنف ضد الإطار التربوي"، لمطالبة الوزارة باتخاذ إجراءات عملية وعاجلة لتوفير حماية للإطار التربوي.

وفي المغرب جاءت إحصائيات وزارة التربية الوطنية أن نسبة 66% من حالات العنف المدرسي تقع داخل المؤسسات التعليمية، و34% منها تحدث في محيط المدارس، كما أن أكثر من 67% من السلوكيات المنحرفة المسجلة تقع بين التلاميذ أنفسهم، بينما تتوزع 23% المتبقية بين العنف في حق الأطر التربوية من طرف التلاميذ، أو من طرف أشخاص غرباء عن المؤسسات التعليمية.

وفي تونس سجلت الإدارة العامة للمرحلة الإعدادية والثانوية التابعة لوزارة التربية التونسية عام 2016 أكثر من 100 حالة عنف يومياً بالمدارس ، وأكثر من 19 ألف حالة رفت بسبب الانحلال الأخلاقي والعنف، كما تؤكد أرقام وزارة التربية أنّ نسبة العنف المسلّط من قبل التّلميذ في المرحلة الإعدادية مثّلت 57 بالمائة من جملة الاعتداءات المسجلة، واحتل تلامذة السنة السابعة أساسي الصدارة من حيث العنف 2034 حالة اعتداء، وجاء في دراسة أعدتها الإدارة الفرعية للحياة المدرسية بالتعليم الثانوي أنّه تم تسجيل أكثر من 5 آلاف حالة عنف في الوسط الإعدادي من مجموع 8500 حالة عنف لفظي ومادي مسجل. كما رصدت الدراسة المذكورة زيادة في حجم العنف الصادر عن التلميذات، إذ تم تسجيل 1171 حالة عنف في المرحلة الإعدادية و1090 حالة عنف في المرحلة الثانوية.

الخليج ... تضخم في الإحصائيات والأسباب....

وفي المملكة العربية السعودية كشفت إحصائيات وزارة الداخلية بأن 82% من إجمالي الحوادث في البلاد عموماً تتعلق بالعنف داخل البيئة المدرسية، والتي ارتفعت خلال سبع سنوات من 1406حادثة اعتداء إلى 4528 حالة اعتداء بزيادة 400% في منطقة الرياض فقط، وعززت تقارير أعدتها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة التربية والتعليم السعودية من مصداقية إحصاءات وزارة الداخلية حيث جاء فيها أن البيئة التعليمية تسودها المعضلات والقضايا الأخلاقية من ألفاظ بذيئة وشتائم، تحرش جنسي، فعل اللواط بالقوة كما أن الاعتداء بالضرب على الآخرين يحدث غالباً خارج المدرسة، حيث تستخدم فيها العصي والسكاكين والآلات الحادة، وتأخذ الخلافات طابع التعصب للأقران أو النسيج الاجتماعي القبلي ، يأتي الاختطاف في المرتبة الأولى يليها قضايا السرقة من خلال سرقة مباشرة بالإكراه، ثم الابتزاز والاعتداء الجسدي بما يشمل الاعتداء على الإدارات، والاعتداء على المعلمين، والاعتداءات بين الطلاب، وتصل إلى حد محاولات القتل، واستخدام السلاح، واستخدام الأدوات الحادة للتهديد، وتدمير ممتلكات الآخرين.

فيما كشفت دراسة علمية أن 50 % من طلاب وطالبات المدارس في السعودية يتعرضون لأعمال عنف وتعنيف، وأوضح أن أكثر أنواع العنف انتشارا في المدارس هو العنف اللفظي بنسبة بلغت 70 %، يليه العنف الجسدي الذي يتراوح بين 30 - 40 %، ثم الإهمال بنسبة بلغت 35 %، وأخيراً العنف الجنسي بنسبة 10 %.

وفيات في مصر .. ولبنان في ذيل القائمة

وفي مصر وهو العام الأسوأ والذي تكلل هذا العام الدراسي بوفاة طالب في الصف الخامس الابتدائي أثر تعرضه لضربة من المعلم على رأسه تسببت في وفاته، وقد وصل عدد حالات العنف الجسدي في المدارس إلى 189 حالة عام 2016 حسب دراسة للمجلس القومي للطفولة والأمومة العام الماضي، وانقسمت البلاغات انقسمت إلى عنف بدني ومعنوي ولفظي وجنسي.

وأوضحت الدراسة أن الذكور تصدروا بلاغات العنف المدرسي بعدد 129 بلاغًا، بينما جاءت الإناث بعدد 60 بلاغًا، مضيفة أن الأطفال المنتهك حقوقهم في الفئة العمرية من 7 إلى 12 عامًا، وتمثل المرحلة الابتدائية بلغ عدد بلاغاتهم 99 بلاغًا، بينما الأطفال في الفئة العمرية من 13 إلى 18 عامًا، وتمثل مرحلة التعليم الثانوي بلغ عدد بلاغاتهم 78 بلاغًا، بينما الأطفال فى الفئة العمرية من 4 إلى 6 سنوات وهى مرحلة الحضانة فقد بلغ عدد بلاغاتهم 12 بلاغاً فقط.

وهذا العام 2017 شهد عدداً مفجعا ومقلقا من وقائع العنف داخل المدارس‏، ووفقا لتقرير حقوقي التابع للشبكة العربية لحقوق الإنسان الذي رصد ظاهرة العنف في المدارس فقد وصل عدد حالات الانتحار منذ بداية العام الدراسي‏6‏ حالات و‏13‏ حالة طعن بالمطواة و‏33‏ حالة عنف من المدرسين والمديرين ضد التلاميذ و‏15‏ حالة عنف من أولياء الأمور ضد المدرسين و‏7‏ حالات تعد من الطلاب علي مدرسيهم و‏5‏ حالات عنف من أولياء الأمور ضد زملاء أبنائهم‏.‏

ومن حلقات مسلسل العنف بالمدارس اقتحام جزار و‏20‏ شخصاً من أقاربه مدرسة تل البلد الابتدائية في التل الكبير بالإسماعيلية وتعدوا بالضرب علي مديرة المدرسة وعدد من المدرسين بسبب شائعة وفاة ابنته الطالبة بالصف الأول الابتدائي بالمدرسة‏ وهو لم يحدث‏، وفي الإسكندرية لقي طالب بمدرسة مبارك الثانوية مصرعه أثناء مشاجرة مع زميله بسبب الخلاف علي معاكسة الفتيات‏.

وتأتي لبنان في ذيل قائمة إحصاءات العنف في العال العربي حيث أكدت وكالة الوطنية للإعلام بلبنان عن رصد 9 حالات للعنف المدرسي خلال العاميين الماضيين.

الوقاية خير من العلاج ؟

حملنا هذه الأرقام بهمومها إلى الدكتورة نهال البيومي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس والتي تتحدث عن أسباب العنف المدرسي بين الطلاب: " الطالب في مرحلة المراهقة يحتاج إلى معاملة نفسية بتفهم وإقناع من معلمه ليرسخ بينهما الاحترام، إضافة إلى أن الآباء والأمهات أمامهم مسؤولية كبيرة في غرس تقدير دور المعلم واحترام الزملاء.

ويعود غياب الوعي بخطورة انتشار العنف داخل المدارس، ونقص الاهتمام بتنمية المهارات الحياتية ورعاية الطلاب، مع تراجع دور الأسرة في القيام بدورها في رقابة سلوكيات الأبناء وتعديل تصرفاتهم وأفكارهم الخاطئة من الأسباب التي تزيد معدلات انتشار العنف المدرسي.

كذلك ضعف جاذبية العملية التعليمية، وزيادة عدد الطلاب في الأقسام المدرسية يعيق عملية الرقابة مع تراجع المدرسين عن القيام بدورهم الرقابي مما يدفع الطلاب للسلوكيات المنحرفة، بالإضافة إلى غرس الإعلام لثقافة العنف في بعض البرامج والأفلام الموجهة والتي تحثهم على تقليد ما يشاهدونه.

ويتحدث الأستاذ نسيم الفاروق المشرف النفسي بمدرسة تاج العلوم الخاصة عن أسباب انتشار العنف في المدارس قائلا: " العنف نتيجة عدم رغبة بعض التلاميذ في التعليم، فهم يرغبون في الهروب من المدرسة ، فما يقومون به من شغب هو ردة فعل على العنف الذي يمارسه الآباء في إكراههم على التعليم، كما أن المعلم نفسه قد يكون مصدر العنف في المدارس الحكومية، فالقصور التربوي لديه يشكل دافعاً للطلبة نحو ممارسة العنف خاصة المرحلة الثانوية، كما أن الأسرة تعتبر من المصادر الرئيسية لظاهرة العنف إذا كان يسودها سلوك العنف سواء بين الأبوين أو بينهما وبين أبنائهما".

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -